April 24, 2008

من يدرى..عودة الى النافذة

لى عادات قد تكون غريبة بعض الشىء أمارسها منذ عدة سنوات دون أدرك حرصى الشديد على القيام بها حتى ولو على فترات متباعدة . تلك العادات لم أكن أتخيل فى يوم من الأيام أن تصبح بالنسبة لى أكثر من مجرد عمل أقوم به لتتحول معى وبى دون تخطيط مسبق وتفكير متعمد إلى هواية تمثل لى متعة من نوع خاص
ليس هذا فحسب وإنما قد أتعمد الآن القيام بها لأشبع متعتى ..كأن استغرق ساعات طويلة فى النافذة أتفحص فيها وشوش الناس وما تنم عنه ملامحهم من علامات قد تدل على معان كثيرة أدرك أننى الوحيدة القادرة على قراءتها.
حتى وقت قريب كنت أحس أنها عادة سيئة على التخلص منها فمالى أنا وهموم غيرى.وكنت غالبا ما أقاوم رغبتى فى الوقوف فى النافذة خشية أن تمضى الساعات وأنا لا يشغلنى سوى أن أمحص النظر فى المارين أمامى وأطلق الاستنتاجات وأقيم أحوال الناس فهذا مهموم وذاك مشغول وتلك السيدة تعانى شيئا ما...........الخ
كان هناك اختلاف واضح فى أحوالهم وما ترسمه ملامحهم من حالات الرضا والسخط والقناعة حتى حبهم وكرههم للحياة كنت أحس به وأدركه.. فكل شخص منهم كان حالة منفردة تحوى أيضا مشاعر منفردة حتى ولو تشابهت ملامحهم.
أما الآن فقد أحسست وأنا أترقب وجوههم أننى أمام شخص واحد وحالة واحدة لا تحوى سوى علامات البؤس والشقاء .فالكل فى حالة توهان ولا أستطيع أن أستشف من ملامحهم أى مشاعر كما كان سابق عهدى معهم.
مـــــــــــــــــــــاذا أفعــــــــــل؟؟؟؟؟
أأتركهم هكذا دون أن اعرف ماذا حدث لهم ؟؟ وماذا عن نافذتى ؟؟أهكذا أصبحت بلا قيمة..فلا جدوى من وجودها بالنسبة لى وقد باتت كل الأشياء بملامح واحدة .فأين أمارس هوايتى إذن؟؟!!!!
وأنا وسط هذه الحيرة مما جرى قررت أن أعرف بنفسى ماذا حدث؟؟
..لـــــــــكن كـــــــــيف؟؟
كان لابد أن أغامر وأنزل إلى الشارع لأسال الناس عما جرى لهم وماذا ألمّ بهم ليكونوا كذلك ؟ لابد أن هناك شيئا ما ..لكن ما كان يخيفنى هو ردود أفعالهم تجاهى فقد يعتبروننى مجنونة ..لا يهم أى شىء.. ما يعنينى أن أعرف السبب مهما كانت العواقب .لكن ثمة إحساس كان يراودنى بالسبب وراء ما حدث للناس ولكن فضولى كان أقوى من هذا الإحساس ..أريد أن أسمع منهم..هم فقط
وكانت ردود الأفعال متباينة معى وكنت أرى علامات الاستغراب والاستنكار فى آن واحد على وجوههم ,حتى إن أغلبهم قد اكتفى بجملة واحدة قذف بها فى وجههى
"انتى مش شايفة الحال اللى بقينا فيه دا الواحد هاين عليه ينتحر"
وكأنه يتهمنى بأننى لا أعيش على أرض هذا البلد .مع أننى كنت شبه واثقة مقدما من هذه الإجابة.
وشحننى شخص آخر بجرعة من اليأس حينما نظر إلى شاكيا الحال بتلك الكلمات
"احنا مش عارفين نعيش ولا نأكل ولا حتى نأكل عيالنا ,الأسعار بقت نار والعيشة بقت بالكوى وكل ده ومرتبتنا هيه هيه..لا .دول بيخصموا منها كمان أصلهم بيسددوا ديون مصر .وكما يقال "شر البلية ما يضحك"
ضحكت ومرارة الألم والحسرة تعتصر كل جسدى وتنقلنى فى لحظة واحدة إلى عالم لا أرى فيه أى أمل
أما الجملة التى هزتنى حينما قال لى أحد الأشخاص أن الوضع الاقتصادى والسياسى فى هذا البلد قد قتل حلمه فى مستقبل أفضل ..ولا يرى بصيص أمل فلو عمل طيلة عمره لن يستطيع تحقيق اى شىء.
وكلام كثير أرهقنى جدا وأتعبنى وحملنى هموما لا يطيقها بشر وتمنيت للحظة لو اننى لم تكن لدى أصلا نافذة . ولم أكن فضولية إلى هذا الحد..
ووجدتنى أطرح بينى وبين نفسى هذا التساؤل:هل سيأتى اليوم الذى أفتح فيه نافذتى لأمارس هوايتى واجد الوجوه قد رجعت إلى سابق عهدها معى لاستكشف وادقق واستنتج أم أن الحال الذى وصلنا إليه قد قتل أيضا حلمى ودمر هوايتى وللأسف مع سبق الإصرار والترصد
من يدرى......قد أعود يوما إلى نافذتىّ !

No comments: